بيت
الجيران يعج بالفتيات.. سكان الحي البائس، النائي، جلهم من فقراء البلد، تقاسموا
الحمام الوحيد، الذي كان بالأصل كوخاً قديما لرجل غريب، قدم إلى الحي الفقير بعدما
نبذ من حي الأغنياء البعيد. يقال أن الرجل الغريب الأفكار والأطوار مات في الكوخ.
دفنوه هناك وحيداً ووضعوا فوقه مجموعة من الكتب الممنوعة، ثم هالوا التراب فوقه
وفوق كتبه. مع الأيام غاب القبر وبقي الكوخ بجدرانه المصنوعة من ألواح الخشب. ثم
صار حماماً للذين لا حمامات لهم. لم يكن هناك سقفٍ للحمام سوى السماء. لذا كان لا
يستعمل في فصل الشتاء. بفضل الحمام اكتشف أحد فتيان الحي فحولته اثناء التلصص على
بنت الجيران، وقت الاستحمام. أمعن النظر من خلال ثقب وجده في اللوح الخشبي. رآها
تستحم، لكن شعرها الطويل الذي غطى جسدها منعه من مشاهدة الممنوعات.بدت كأنها فتاة
أخرى، غير تلك الغزالة التي عرفها عن قرب. تخيلها سمكة في بحر، عروس المحيطات
البعيدة. نسي أثناء التلصص نفسه تماما، فقد غلبته اللحظة، تفوقت على عقله، كاد أن
يدخل إلى الحمام بكل جسده من الثقب الصغير.. فجأة أحس بسخونة،فنعاس ثم نام في
مكانه. لم يفق بعد ذلك. وجدوه ميتاً في سريره.. لم يستطع الطبيب الذي حضر من الحي
المجاور رغم بعده، تشخيص الوفاة.وحدها بنت الجيران ، التي رأت بؤبؤ عينه في ثقب
اللوح الخشبي بينما كانت ترد شعرها عن جسدها البرونزي، عرفت السبب.لذا ارتدت صباح
ذاك اليوم ثياب الحداد.